الاثنين، 16 يناير 2012

سأعيش طموح رشيدة


اقتنيت عددًا مذهلاً من الجريدة القادمة و بقوة لتناطح "نيويورك تايمز" و "لوفيجارو" و لُتعلّم العالم كله ما هي الصحافة الحقيقية بعيدًا عن الحسابات السياسية و الحزبية ... اقتنيت عددًا من جريدة "الــــحـــــــــريــــــــــــــة و الــــــــــــــــعــــــــــــدالـــــــــــــة" !! 
أن أن أن أن أن
ففي الحقيقة ، صدمتني جريدة "الحرية و العدالة" الصادرة عن حزب الحرية و العدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين و التي ترفع شعار "لكل الناس" و توقعت أن أرى جريدة قوية تـُعرض فيها الآراء المختلفة و تكون فعلاً لكل الناس لا للإخوان أو للحزب فقط .
لأكتشف إنها تكتفي فقط بالتلميع في صورة الحزب دون عرض أي آراء مختلفة عن قناعات و أفكار الحزب بل و هاجمت بعض أقلام من يكتبون فيها أشخاصـًا بعينها .
و لاحظت أن التمثيل النسائي قليل في الجريدة الجديدة ... وبالطبع لا توجد صور نساء سافرات في الجريدة التي تمثل كل طبقات الشعب المصري و "لكل الناس" .. اللهم إلا صورة وزيرة الشئون الاجتماعية الإيطالية "أعتقد أن السبب أنها عجوز و لن تثير فتنة الرجال" و صورة بها بعض المتظاهرات تقفن خلف صفوف رجال الجيش و فيهن اثنتان لا ترديان الحجاب ..
أما بقية الصور في الجريدة –للنساء- فهي بالزي الرسمي الذي سيُفرض على جميع النساء قريبـًا جدًا ألا و هو الخمار الطويل و هذا ليس اعتراضـًا على الخمار و إنما إعتراض على إن مش دا الزي الموحد لجميع النساء المصريات و لا لـ"لكل الناس" .
أيـضـًا لاحظت عدم وجود صفحة فنية تهتم بالسينما و التلفزيون ... فقط أخبار عن أفلام وثائقية ... " باين إننا هنقضيها وثائقي بعد كدا !"
لكن أكثر ما أثارني ... هي تلك القصة القصيرة العبقرية التي تفتق عنها ذهن إحدى الـ...الكاتبات!
قصة عبقرية حقـًا اسمها "طموح رشيدة نهايته الطلاق !" ... لا إله إلا الله ، طلاق مرة واحدة كدا يا بنتي !؟ اعقلي طيب ! كل حاجة بتتحل بالتفاهم !
القصة باختصار ، أن الطبيبة "رشيدة" اهتمت بعملها و هذا لم يعجب البيه زوجها .. فتزوج غيرها " إلهي يتزحلق في قشرة موزة" ... و المربية الأمينة اهتمت بالأولاد الثلاثة " طب انتوا خلفتوا كتير من الأول ليه !؟" ... و في النهاية تحصل "رشيدة" على الطلاق .
و من موقعي هذا أحيي "رشيدة" لأنها وقفت في وجه الطغيان الذكوري المتفشي في المجتمع و تقاليد الجماعة التي تفرض على المرأة دورًا خائبًا كـ"مساعد مخرج" و لا تسمح لها أبدًا أن تلعب دور "المخرج" في حياتها ... فتكون دائمـًا ضحية الانقياد وراء وهم اسمه "الذكر" و نطلق عليه نحن -مجازًا- "الرجل" ... و في رواية أخرى "الحيطة" على أساس المثل القائل (ظل راجل و لا ظل حائط) .. و هو مثل سخيف يفطمون عليه بناتنا منذ الصغر ، لترضى بأنصاف و أرباع الرجال بدلاً من أن تجلس معززة مكرمة وحدها .
و لكن اعتراضي الأساسي ليس على غلطة "رشيدة" أنها لم تهتم بالأولاد ... لأن الاهتمام بالأولاد عمل مشترك بين الرجل و المرأة " أيوا  انت و هو .. بطل تأفف كدا سمعاك.. كفاية علينا 9 شهور حمل و سنتين رضاعة و عشر سنين تنطيط " ... خالص خالص خالص ... اعتراضي مش على المعنى الرهيب الفظيع العبقري للقصة خالص... بل على أسلوب بناء القصة!
و كقارئة تربت على قصص عباقرة الأدب العالمي و العربي ، أرى بناء القصة سخيف .
أنا لا أعترض على أفكار السيدة المحترمة التي كتبت القصة ، فهذه أفكارها أختلف معها أو أتفق و من حقي نقدها و لكن الطريقة و الأسلوب الذي كـُتبت به القصة ، يعطينا إيحاء أن كاتب القصة ما يزال مبتدئـًا في الكتابة ... فالعبارات مختصرة خاطفة لدرجة إنك لا تقدر على استيعاب الأحداث ثم هناك الصور الخيالية التي اختفت تقريبـًا من القصة ... كنت أريد قراءة تعبيرًا جميلاً يجعلني أتوقف عنده و أحملق و أهتف : " إبدااااااااااااااع"
لكن أستغفر الله العظيم ، الإبداع شرك و حرام .. !
العبارات جافة بشكل لا يصدق ، لو كنت حتى من أنصار فكرتها فسأشعر بالسخف من أن يتم التعبير عنها بهذا الشكل ... فحتى المعاصي تـُزين لنا ، فما بالك بهذه الفكرة التي تستحق المناقشة ؟! 
أعتقد أن هذه القصة يمكن أن توضع في تبويب "تاريخ الأدب الحديث" كواحدة من  أسوأ القصص في هذا العصر . 
و من موقعي هذا سأقولها بصوتٍ عالٍ : " سأعيش طموح رشيدة و لتذهب الأفكار البالية إلى الجحيم " و لن يجبرني أي انسان في الكون على أن أعيش حياتي بدون اختياري ... البنات حرات كالأولاد تمامـًا ... أن تختار الانخراط في الحياة العملية أو تختار البقاء في المنزل و تربية أولادها هو اختيارها وحدها فقط و لا أحد آخر يمكن أن يفرض عليها شيئـًا مختلفـًا عن إرادتها الحرة التي خلقها الله بها .
في نهاية المطاف ، أغلقت الجريدة و أنا أتنهد و أتحسر على مستقبل الصحافة و الأدب في مصر ... فبعد حكم المخلوع 30 عامـًا ظننا أن ينابيع الأمل و الطاقة و الحيوية و الإبداع و الأفكار المختلفة ستنفجر... لأكتشف أن الحزب الحاصل على أغلبية برلمانية لا يعترف بهذه الأفكار المختلفة حتى في جريدته الجديدة ... أعلم أن هناك أجندة للجريدة لكن لا بأس من بعض الـ"ايييييه" ... أنتم تفهمونني ! بعض من الـ"اييه" ... الـ"المعارضة" لأفكار هذه الأجندة لن تضر بمستقبل الجريدة بل بالعكس !
حقيقةً كنت لا أريد أن أتوجه بالنصح للجريدة و للحزب و كإنسانة حقودة على الناجحين كنت و ما زلت أتمنى أن يقعوا في شر أعمالهم  ، و لكنني أتحسر على مستقبل البلد و مستقبل الأدب و مستقبل الصحافة ... و حسبي الله و نعم الوكيل !

ملحوظة : مفيش ولا خبر عن الزمالك في الجورنال ! رغم إنه مليان أخبار عن الأهلي و تصريحات للاعبيه ! و لا يعني عشان الزمالك أقلية :(  ؟! حسبي الله و نعم الوكيل 

 
Sara Hussein
16\01\2012
01:25 AM  
  

هناك 5 تعليقات:

  1. صراحه كان متوقع ان الجريده تبقى لانصار حزب الحريه والعداله بس مش لكل الناس
    خدعه حكايه لكل الناس دى
    حتى قصه رشيده
    هى فى الاول والاخر بردو تلميع لفكر الحزب مش اكتر
    ان الست مالهاش الا بيت جوزها وعيالها
    وليذهب الطموح للجحيم بقى

    ردحذف
  2. @Bent Men ElZman Da !!

    كان متوقع آه بس كنت أتمنى يخالفوا توقعاتي و لو لمرة واحدة في حياتهم يعني !
    معاكي حق :)
    و لكن ليذهب من لا يحب الطموح للجحيم و ليبقى الطموح موجودًا بيننا :)

    ردحذف
  3. ولو انى اهلاوى


    بس عندك حق.

    ردحذف
  4. @hassanelly
    هههههههه معلش معلش
    أشكرك :)

    ردحذف
  5. مرحبا سارة
    مدونة رائعة استمتعت بقراءتها وضحكت على تعليقاتك الظريفة
    صدقتِ منذ الطفولة والأهل يُشعروننا أن " الرجل أو ستتوقف حياتك يافتاة "
    أما الحقيقة أن المرأة بإمكانها الاستقلال عن سيطرة بعض الرجال
    بالنسبة للجريدة
    فلم أرَ حتى الآن جريدة ممتازة !
    عكس الأجنبية في الحقيقة
    ومن سيسمع ماتقولينه الآن ؟
    مثل لدينا يُقال " تنفخين في جربة مفقوعة "
    أتمنى أن يتغير مفهوم مستقبل الأدب والصحافة في الوطن العربي
    استمري عزيزتي لديكِ مستقبل باهر في الكتابة
    كلي ثقة بذلك
    محبتك : لطيفة

    ردحذف