السبت، 27 سبتمبر 2014

أن تكون هاري بوتر!






من مميزات أن تكون طفلاً وحيدًا أنك تستخدم خيالك كثيرًا لتسلية نفسك،أوماذا ستفعل في كل تلك أيام السنين الطويلة من الوحدة!؟ عليك أن تخلق عوالم كثيرة داخلك تغوص فيها حتى أعمق محيط وتركب الحيتان وتقبض على الأخطبوط الشرير وتـُسلّمه للمملكة البحرية وتودع حبيبتك حورية البحر ثم تـسبح عكس التيار حتى سطح الماء وتنظر لقرص الشمس وفي لحظة واحدة تكون مـُحلّقـًا فوق أعلى غيمة في السماء تتحكم في الطقس وتمتطي حمامة عملاقة تأخذك إلى ما بعد التلال الخضراء لتواجه الوحوش الكاسرة وتهزمهم بقوتك الخارقة لتعود إلى الأرض منتصرًا وتـُعامل كبطل من أبطال الأساطير الأولى.
في عالم آخر تمتلك أجنحة وطاقة ضوئية رهيبة وعالم ثالث أنتِ مجرد قطرة ماء سقطت على نافذة البطل لتبلغيه رسالة هامة عن أهمية إنقاذ الأرض من الخطر القادم.
وهكذا..
وقد عشت سنوات طفولتي الأولى وأنا أحلم باليوم الذي سوف أكتشف فيه قوتي الخارقة..ربما كنت أستطيع تحريك التفاح من على الطاولة بقوتي الذهنية فقط كبطلة السايبورغ،أو ربما يتحول جهاز الكمبيوتر خاصتي لقطة مقاتلة وهكذا أستطيع الذهاب في مهمات للقضاء على الفيروسات وأصادق حنان ورافع وأمجد ووسيم من أبطال الديجيتال.وربما تكمن قوتي في تحريك أوراق المبارزة وأن قلادتي الفرعونية بداخلها فتاة تشبهني تمامـًا لكنها أكثر قوة وحكمة وجمالاً ستكون دليلي في كل معاركي مثل يوغي-يو.
وكنت أنام ليلة العودة إلى المدارس متحمسة لأن السنة القادمة ستكون سنتي الخامسة..السنة التي كان فيها أبطال الديجيتال الجزء الثالث وكنت أتمنى أن يكون عامي مثيرًا مثل عامهم كما كنت أتوقع أنه حينما ألتحق بالثانوية فأنني سوف أعيش قصة من قصص المانجا أو الأنيمي الشوجو حيث أصادق مجموعة رائعة وأقع في الحب وأعيش بسعادة إلى الأبد..حسنـًا،لم يتحقق شيء من هذا وقد كنت مشغولة أثناء دراستي بالنجاح والحصول على درجات عالية في الامتحان.





ورويدًا رويدًا،تكتشف أن حياتك لن تكون خارقة..لن تستطيع الطيران بدون طيارة..لا وجود للجناحات في هذا العالم القاسي..ولن يتحول حاسوبك الشخصي لمقاتل..فربما يحترق من قطع الكهرباء المستمر أصلاً!
وأن معلمة الرياضيات التي كانت تـُشبه كثيرًا معلمة الرياضيات في مجلة فتيات W.I.T.C.H  لن نفاجأ في مرة أن هناك ذيل يخرج من فستانها وأنها ستتحول لسحلية كما كانت في الكوميكس المذكور آنفـًا!
لا أستطيع أن أقول أن حياتي "الطبيعية" مضجرة ولكنها ليست مثل روايات الخيال،فأنا لا أشع ليزرًا من عينيّ ولا أتحدث إلى الزواحف.
ولكن هذه الخيالات خاصة حينما تقتحم عالمـًا مختلفـًا كعالم هاري بوتر تبدو طبيعية جدًا..فلماذا؟!






أشعر بأنني أعاصر الكثير من أبطال السلسلة في حياتي اليومية،أنا نفسي أخاف العناكب كـ(رون) وأحب الكتب والقراءة وأتحمس لأي جديد مثل (هيرميوني)وأشعر بأنني لا أنتمي لهذا العالم كما كان يشعر (هاري) تجاه عالم العامة وأنه حينما ذهب إلى (هوجوراتس) عثر على عائلته الحقيقية..وأن هذه العائلة لا يشترط أن تكون عائلة بالدم بل عائلة بالروح ترتاح معها وتحميها لأنك تحبها لا لأنك مـُضطر إلى حمايتها وإحساس بالمسئولية مثل (بيرسي ويزلي).
وفي كل خطوة في حياتك اليومية،تشعر بأن (دولوريس أمبريدج) موجودة في أستاذتك الواقفة في مقدمة الصف بغطرستها وشعورها بأنها أفضل من الجميع وأنها الوحيدة التي تعرف مصلحتك بينما هي مغيبة وحبها للسيطرة يمنعها من رؤية أبسط الحقائق،وأن (سنايب) يشبه ذاك الأستاذ الذي يتظاهر دومـًا بالقسوة والشدة وتشعر بأنك تكرهه طوال الأيام إلى أن تكتشف في النهاية أنه إنسان جيد جدًا وأنه كان يـُخفي وجهه الحنون المـُحب بهذا القناع الشرس لكي يدفعك دومـًا لبذل الأفضل.أما (ماكجونال) فأنت تجدها على الدوام،المزيج الرائع من المسئولية والحـُب،تعثر عليها وترتاح لها حتى ولو لم تمتلك تأثيرًا كبيرًا في مجرى أحداث يومك الطبيعي ولكنها وقت الخطر ستجدها أول مـَن يقف إلى جانبك،ستبهرك بمدى براعتها وقدرتها على مواجهة أدق المواقف بحزم وقوة .وبالطبع هناك (دمبلدور) القوي العظيم الذي يرشدك في خطواتك إلى الأفضل وتشعر في وجوده بالأمان المـُطلق وتتباهى أمام أعدائك بقوتك لعلمك بأنه يحمي ظهرك وترفض التصديق أنه قد مات لأنه موجود دائمـًا.."موجود طالما الموجودون يكنون له الوفاء" كما قال (هاري بوتر) لـ(توم ريدل) في حجرة الأسرار. بالطبع يوجد أصدقاؤك الغرباء حولك باستمرار،الأصدقاء الذين يكمنون في الظل حتى يتطلب الأمر وجودهم بشكل قوي مثل "نيفيل لونغبوتم" و"لونا لوفجود"..وأثناء رحلتك الطويلة تكتشف بأن حبك لـ"تشو تشانج" لا يـُقارن بتعلقك القوي والخفي بـ"جيني ويزلي" الساحرة القوية الكفوء .وأن (هاغريد) لهو صديق رائع من عالم آخر مختلف عنك،تود لو أنك تصحبه معك إلى المنزل لتـُعرفه على عائلتك... "مرحبـًا ماما،مرحبـًا بابا،هذا صديقي هاغريد العملاق وسيبيت لدينا الليلة لأن وزير السحر يبحث عنه لإيداعه أزكابان". و"ميرتل" تشبه تلك الفتاة الضعيفة في المدرسة التي يسخر منها الجميع .ولا حاجة لذكر وجود (مالفوي) دائمـًا وأبدًا على مر حياتك..الزميل السخيف في المدرسة والشرير في الكلية والمنافس في العمل. و(فولدمورت) الشر الأعظم يبدو متجسدًا على مر حياتك في صورِ عديدة..أشخاص يقلبون حياتك رأسـًا على عقب..يجرحونك..عمل غير متوقع..حادث سيء..إلخ

والمجهود الذي تبذله لكي تعرف إلى أي منزل تنتمي في هوجوارتس.ورغبتك في أن تمتلك مشاغبة (فريد) و(جورج).
لطالما تساءلت لماذا تبدو شخصيات هاري بوتر بهذه الحيوية؟!
ثم اكتشفت أنها تـُمثلنا جميعـًا كبشر لكن الكاتبة كانت بارعة في تصوير عالم سحري مختلف عما ألفناه بنفس الشخصيات التي نواجهها في حياتنا اليومية،لذلك فأنت لا تشعر بالغربة أو الخوف أثناء تجوالك في أروقة المدرسة أو في حديثك مع بطل من أبطال الرواية أو الفيلم..لأنهم يشبهونك بالفعل!




مشكلة الحياة اليومية الطبيعية التي نعيشها أنها تـُزهق أرواحنا برتابتها وتوقعاتها وحينما تقرر أن تعطي الحياة الطبيعية أجازة وتجلس لمشاهدة فيلم من أفلامك الخيالية المفضلة أو قراءة أحد الكتب الخيالية فأنت تتيح لنفسك بعض الحياة. إن العودة إلى قواعد (هاري بوتر) من فترة لأخرى يساعدني في تقييم حياتي وكيف آلت إلى ما آلت إليه ويمنحني طمأنينة بأنني مازلت قادرة على الحـُلم وأن الجفاف الذي أصاب حياتي ومخيلتي لم يبلغ حد الإكتمال بعد.
إن القدرة على الحـُلم تعطيك أملاً في غدِ أفضل..فلا شرط أن يكون حلمك عظيمـًا لكن أن تكون قدرتك على الحلم كذلك.
أعرف أنني إذا أخذت أتحدث عن (هاري بوتر) فلن أنتهي اليوم على الأرجح..أنا أحب هذا العالم بكل غرابته وأحزانه.
وكلما قررت متابعة الأفلام مرة أخرى أتمنى في قرارة نفسي ألا تعمل كأس النار كبوابة وأن يعود هاري بوتر وسيدريك ديغوري بالكأس إلى زملائهم،ألا يموت (سيريوس بلاك) وأن (دمبلدور) سوف يـُبعث من جديد مثل طائره "الفينيكس" لأن الأبطال لا يموتون بهذه السهولة أبدًا.و(دوبي) الذي كلما تذكرته بكيت.







أن روعة (هاري بوتر) لا تكمن في عالم السحر والمطاردات ولكنها تكمن في قوة هذا العالم وهذه القوة مبعثها الحب العظيم والصداقة العظيمة..الحب الذي دفع والديه للتضحية بحياتهما من أجل حمايته والحب الذي كان يرعاه به (دمبلدور) و(هاغريد) و(ماكجونال) ..حتى (سناب)!
والصداقة التي دفعت (رون) و(هيرميون) لتصديقه وإتباعه عبر عوالم خفية وجديدة..الصداقة التي دفعت (هيرميون) لتمسح ذاكرة أهلها قبل أن تذهب للبحث عن مقدسات الموت مع (هاري). كلنا نتمنى حبـًا وصداقة مثل التي توجد في عالم (هاري بوتر)..لأنه في النهاية يمكن للإنسان أن يعيش وغدًا وشريرًا ولكنه سيأخذ معه كل هذا الحزن والغضب إلى القبر بينما شخص آخر عاش لمساعدة الآخرين وحب الخير لهذا العالم سوف يأخذ كل هذا الحب وهذه السعادة معه وسيتذكره الناس دومـًا وربما سـُميت زهرة أو نجمة باسمه.

كلنا في حاجة إلى جرعة من السحر والمغامرة..جرعة من الخيال حتى نستطيع تحمل فكرة عبور الشارع المزدحم بالعربات كل يوم وسخافات المدير وملل الدراسة لاقتناعنا بأننا يومـًا ما سنكون أبطالاً في قصصنا الخاصة.
كل ما عليك فعله هو أن تجلس مع نفسك قليلاً وتـُعمّق بحثك أكثر وسترى (هاري) الذي بداخلك..ستجد البطل أمامك في المرآة.



هناك 4 تعليقات:

  1. حبيت التدوينة دى جداااا
    على الرغم إنى لم أتابع أى كرتون وأنا صغير
    لأنى كنت أظن نفسى دائما أكبر :)
    والأن أنا أتحسر على هذه الأيام
    وبرضه لم أتابع هارى بوتر
    لأنى لا أحب هذا النوع من أفلام السحر والخيال
    بس اللى أعرفه
    إن الوحدة مفيهاش أى ميزة كلها عيوب
    بس الفكرة أن تظل روح المغامرة دائما فى قلبك
    حتى لا تعيش وتموت وأنت عاااااااادى
    تحياتى المعطرة

    ردحذف
  2. حلو أوي :)

    ردحذف
  3. جميل جدا
    انا كمان من عشاق سحر هاري بوتر
    وبدأت مجموعة مقالات عن السلسلة أتمنى تعجبك
    www.khassab.net/news/?p=3444

    ردحذف